الصنّاع العرب

الجهد، التيار، المقاومة، وقانون أوم

أساسيات الكهرباء (Electricity)

عند البدء في استكشاف عالم الكهرباء والإلكترونيات من المهم أن نبدأ بفهم أساسيات الجهد، التيار، والمقاومة. فهي لبنات البناء الأساسية التي نحتاج إليها للتعامل مع الكهرباء واستغلالها فيما يفيدنا.
في البداية قد يصعب علينا فهم تلك المفاهيم لأننا لا نراها. فلا يمكن للإنسان بعينه المجردة أن يرى الطاقة (energy) تسري خلال سلك، أو الجهد الخاص ببطارية ما ساكناً على منضدة. حتى البرق في السماء، مع أنه مرئي إلا أنه لا يرينا انتقال الطاقة الحادث من السحب إلى الأرض، بل في الواقع ما نراه هو تفاعل يحدث بين جزيئات الهواء والطاقة السارية خلالها.
من أجل أن نرصد انتقال الطاقة، لا بد أن نستخدم أدوات القياس مثل المالتيميتر (Multimeter)، محللات الطيف (spectrum analyzers)، وراسمات الذبذبات (oscilloscopes) لتخيل ما يحدث للشحنات خلال نظام ما. لكن لا تخش شيئاً؛ في هذا الدرس سنقدم لك المعرفة الأساسية بالجهد، التيار، والمقاومة، وكيفية ارتباط هذه المفاهيم الثلاثة ببعضها البعض.

جورج أوم

محتويات هذا الدرس

• العلاقة بين الشحنات الكهربية (electrical charge) وبين التيار، الجهد، والمقاومة
• ما هو الجهد، التيار، والمقاومة
• ما هو قانون أوم وكيفية استخدامه لفهم الكهرباء
• تجربة بسيطة لشرح هذه المفاهيم

مواضيع مقترحة للقراءة

ما هي الكهرباء؟
ما هي الدائرة الكهربية (circuit)؟

الشحنة الكهربية (Electrical Charge)

الكهرباء هي عبارة عن حركة الإلكترونات. حركة الإلكترونات ينشأ عنها الشحنات، وهي ما نستغله لبذل الشغل، مثل إضاءة مصباح، تشغيل مشغل أصوات أو الهاتف… الخ. كل هذه الأشياء تُسَخّر حركة الإلكترونات من أجل بذل الشغل. وجميعها تعمل بنفس مصدر الطاقة: حركة الإلكترونات.
المفاهيم الثلاثة الأساسية في هذا الدرس يمكن تفسيرها عن طريق الإلكترونات، أو للتحديد أكثر: عن طريق الشحنة الناشئة عنها:
الجهد هو الفرق في الشحنة بين نقطتين.
التيار هو المعدل الذي تسري به الشحنات.
المقاومة هي قابلية المادة لمقاومة سريان الشحنات (التيار).
لذلك عندما نتحدث عن تلك القيم فإننا في الحقيقة نصف حركة الشحنات، وبالتالي سلوك الإلكترونات. الدائرة الكهربية هي عبارة عن مسار مغلق يسمح للشحنات بالحركة خلاله من مكان لآخر. مكونات هذه الدوائر تسمح لنا بالتحكم في هذه الشحنات واستخدامها في بذل الشغل.
جورج أوم هو عالم درس الكهرباء، وهو من بدأ بوصف وحدة المقاومة وتعريفها اعتماداً على الجهد والتيار. إذن لنبدأ انطلاقاً من الجهد ثم نكمل.

الجهد

نحن نُعَرّف الجهد بأنه مقدار الطاقة الكامنة (potential energy) بين نقطتين في دائرة كهربية. إحدى النقطتين لها شحنة أكبر من النقطة الأخرى. هذا الفرق في الشحنات بين النقطتين يُطلق عليه الجهد، ويقاس بالفولت (volt) الذي يمكن تعريفه بأنه الفرق في الطاقة الكامنة بين نقطتين يسمح بنقل واحد جول من الطاقة لكل كولوم (coulomb) من الشحنة يسري خلاله (لا تقلق إذا لم تفهم ذلك جيداً؛ فكل ذلك سيتم شرحه وتفسيره). تم تسمية الفولت على اسم الفيزيائي الإيطالي “آليساندرو فولتا” الذي اخترع ما يمكن اعتباره أول بطارية كيميائية. يتم الإشارة إلى الجهد في المعادلات والرسومات التوضيحية بحرف “V”.
لشرح الجهد والتيار والمقاومة يمكن تشبيه ذلك بخزان مائي. في الخزان المائي تُمثل الشحنة بكمية الماء، ويُمثل الجهد بضغط الماء في الخزان، بينما يُمثل التيار بسريان الماء. لذلك في هذا التشبيه تذكر الآتي:
• الماء = الشحنة
• الضغط = الجهد
• سريان الماء = التيار
لنفرض وجود خزان مائي على ارتفاع مُعين من الأرض، وفي قاع هذا الخزان يوجد خرطوم.

الضغط الموجود في نهاية الخرطوم يمثل الجهد. الماء الموجود في الخزان يمثل الشحنة. كلما زاد الماء في الخزان زادت الشحنة وبالتالي يزداد الضغط المُقاس في نهاية الخرطوم.
يمكننا تشبيه ذلك الخزان ببطارية، مكان يتم تخزين كمية معينة من الطاقة بداخله ثم تحريرها في وقت لاحق. إذا قمنا بتصريف كمية من الماء من الخزان فسيقل الضغط الناشئ عند نهاية الخرطوم، يمكن تشبيه ذلك أيضاً بخفض الجهد، مثلما يحدث عندما تلاحظ انخفاض إضاءة الكشاف عندما تضعف بطاريته ويتم استهلاكها. هناك أيضاً انخفاض في كمية الماء التي تسري خلال الخرطوم حيث أن كلما قل الضغط قلت كمية الماء المتدفق خلال الخرطوم، ويمكن تشبيه ذلك الماء بالتيار.

التيار

يمكن تشبيه كمية الماء الساري خلال الخرطوم من الخزان بالتيار، كلما زاد الضغط زاد معدل السريان والعكس صحيح. بالنسبة للماء يمكننا أن نقيس حجم الماء المتدفق خلال الخرطوم خلال فترة معينة من الزمن. بينما بالنسبة للكهرباء نقوم بقياس كمية الشحنة المتدفقة خلال الدائرة خلال وقت معين.
تُقاس شدة التيار بالأمبير (Ampere)، ويُعرف الأمبير بأنه شدة التيار الذي ينتج عنه سريان 6.241*1018 إلكترون (1 كولوم) خلال نقطة معينة من الدائرة في ثانية واحدة. يُرمز للأمبير في المعادلات بـ “I”.
لنفرض أن لدينا خزانان ماء، كل منهما يحتوي على خرطوم في نهايته، وكل خزان يحتوي على نفس كمية الماء، لكن خرطوم أحد الخزانين أضيق من خرطوم الخزان الآخر.

يكون الضغط المقاس عند نهاية كل من الخرطومين متساوي، لكن عندما يبدأ الماء في السريان يكون معدل سريان الماء في الخزان ذي الخرطوم الضيق أقل من معدل سريان الماء في الخزان ذي الخرطوم الأكثر اتساعاً. بلغة الكهرباء يمكن القول إن التيار الساري خلال الخرطوم الضيق أقل من التيار الساري خلال الخرطوم الواسع. وإذا أردنا أن نجعل معدل السريان متساوياً في كلا الخرطومين فسيكون علينا أن نزيد كمية الماء (الشحنة) الموجودة في الخزان ذي الخرطوم الضيق.

هذه الزيادة في الضغط (الجهد) عند نهاية الخرطوم الضيق تقوم بدفع المزيد من الماء خلال الخزان، وهذا يشبه زيادة الجهد الذي يسبب زيادة التيار.
الآن بدأنا بالتعرف على العلاقة بين الجهد والتيار، لكن هناك عامل آخر يجب أخذه في الحسبان: اتساع الخرطوم وهو المقاومة. هذا يعني أننا بحاجة لإضافة عامل آخر إلى نموذجنا:
• الماء = الشحنة (مُقاسة بالكولوم)
• الضغط = الجهد (مُقاس بالفولت)
• سريان الماء = التيار (مُقاساً بالأمبير)
اتساع الخرطوم = المقاومة

المقاومة

اعتبر الآن أن هناك خزانا ماء، أحدهما يحتوي على خرطوم ضيق والآخر يحتوي على خرطوم متسع.

يبدو بديهياً أننا لا يمكننا أن نجعل حجم الماء المتدفق خلال الخرطوم الضيق أكبر من حجم الماء المتدفق خلال الخرطوم المتسع عند نفس الضغط، هذه هي المقاومة. الخرطوم الضيق “يقاوم” سريان الماء خلاله بالرغم من أن الماء يقع تحت تأثير نفس الضغط المؤثر على الخزان ذي الخرطوم المتسع.

في مجال الكهرباء يمكن تمثيل هذا بدائرتين لهما نفس الجهد ومقاومة مختلفة. الدائرة ذات المقاومة الأكبر تسمح بمرور شحنات أقل، مما يعني أن الدائرة ذات المقاومة الأكبر يسري خلالها تيار أقل.
هذا يُعيدنا إلى “جورج أوم”. عرف أوم وحدة المقاومة (واحد أوم) بأنها المقاومة بين نقطتين على موصل عندما يتم تطبيق فرق جهد بينهما قيمته 1 فولت يمر به تيار شدته 1 أمبير (أو 6.241*1018 إلكترون). هذه القيمة دائماً ما يٌرمز إليها بالرمز اليوناني أوميجا (أوميجا) Ω ويُنطق أوم (ohm).

قانون أوم

عن طريق دمج مصطلحات الجهد، التيار، والمقاومة قام أوم بصياغة هذه المعادلة:

حيث
• V= فرق الجهد مقاس بالفولت
• I= شدة التيار بالأمبير
• R= المقاومة بالأوم
هذه المعادلة يُطلق عليها قانون أوم. لنفترض على سبيل المثال أن لدينا دائرة جهدها 1 فولت، والتيار المار بها 1 أمبير، ومقاومتها تعادل 1 أوم. باستخدام قانون أوم يمكننا القول:

لنفترض أن ذلك يمثل الخزان ذي الخرطوم الذي ذكرناه من قبل. كمية الماء في الخزان تناظر 1 فولت، بينما “ضيق” الخرطوم (المقاومة للسريان) يناظر مقاومة قيمتها 1 أوم. باستخدام قانون أوم يعطينا هذا النظام تدفقاً (تيار) بقيمة 1 أمبير.
باستخدام هذا التماثل دعونا ننظر الآن إلى الخزان ذي الخرطوم الضيق، لأن هذا الخرطوم أضيق تكون مقاومته للسريان أكبر. لنفرض أن مقاومته 2 أوم، وكمية الماء الموجودة في الخزان هي نفس الكمية الموجودة في الخزان الآخر، لذلك باستخدام قانون أوم تكون معادلتنا لهذا الخزان ذو الخرطوم الضيق هي

لكن ما هو التيار؟ لأن المقاومة أكبر بينما الجهد ثابت فإننا نجد أن قيمة التيار تكون 0.5 أمبير:

إذن، التيار يكون أقل في حالة الخزان ذي المقاومة الأعلى. الآن يمكننا ملاحظة أنه في حال عرفنا قيمتين من القيم المستخدمة في قانون أوم فإنه يمكننا حساب القيمة الثالثة. سنشرح ذلك بتجربة.

تجربة على قانون أوم

لأداء هذه التجربة يجب أن نستخدم بطارية 9 فولت لتزويد ديود باعث للضوء (LED) بالطاقة. الديودات الباعثة للضوء هي مكونات ضعيفة ويمكنها أن تتحمل فقط سريان شدة تيار معينة خلالها، وإذا زادت شدة التيار عن تلك القيمة فإنها تحترق. في ورقة البيانات المرفقة مع الديود الباعث للضوء نجد “أقصى تيار” (current rating) وهو أقصى قيمة للتيار يمكن أن يسري خلال هذا الديود الباعث للضوء قبل أن يحترق.

الأدوات المطلوبة

من أجل أداء هذه التجربة نحتاج إلى:
• مالتيميتر (مقياس متعدد)
• بطارية 9V
• مقاوِم بقيمة 560Ω (أو أقرب قيمة لذلك)
• ديود باعث للضوء
ملحوظة: الديودات الباعثة للضوء تعرف بأنها مكونات لا أومية “non-ohmic”، وهذا يعني أن التيار المار خلال الديود الباعث الضوء لا تنطبق عليه هذا المعادلة البسيطة V=IR. في الدوائر التي تحتوي على ديود باعث للضوء توجد قيمة تُعرف بـ “هبوط الجهد” (voltage drop) هي المسئولة عن قيمة التيار الساري خلال الديود.
لكننا في هذه التجربة نحاول ببساطة أن نحمي الديود الباعث للضوء من زيادة التيار، لذلك سنقوم بإهمال خصائص الديود الباعث للضوء المتعلقة بالتيار، وسنركز على اختيار قيمة المُقاوم باستخدام قانون أوم من أجل التأكد أن قيمة التيار المار خلال الديود الباعث للضوء أقل من 20mA.
في هذا المثال لدينا بطارية 9 فولت بالإضافة لديود باعث للضوء أحمر أقصى تيار يتحمله هو 20 ملي أمبير (0.02 أمبير). لزيادة الأمان لن نقوم بإمرار أقصى قيمة تيار يتحملها الديود، وبدلا من ذلك سنقوم بإمرار قيمة التيار المقترحة (suggested current) الموجودة ضمن صحيفة البيانات (datasheet) وهي 18mA (0.018A). إذا قمنا بتوصيل الديود الباعث للضوء مباشرة بالبطارية فستكون قيمة التيار المار (باستخدام قانون أوم):

لذلك:

ولأنه لا توجد مقاومة بعد:

بقسمة الجهد على صفر فإننا نحصل على تيار لا نهائي! ليس تياراً لا نهائياً بمعنى الكلمة، وإنما أقصى تيار يمكن أن تخرجه البطارية. ولأننا لا نريد إمرار كل كمية التيار تلك خلال الديود الباعث للضوء فإننا بحاجة لمقاوِم. يجب أن تبدو الدائرة بالشكل التالي:

يمكننا استخدام قانون أوم بنفس الطريقة تماماً لحساب قيمة المقاوِم الذي يعطينا قيمة التيار التي نرغب في الحصول عليها:

لذلك:

بالتعويض بالقيم التي لدينا:

بالقسمة للحصول على المقاومة:

لذلك نحن بحاجة لمقاوم بقيمة في حدود 500 أوم لإبقاء شدة التيار المار خلال الديود الباعث للضوء أقل من قيمة أقصى تيار يتحمله الديود.

ليس من الشائع أن تجد مقاوم بقيمة 500 أوم، لذلك قمنا باستخدام مقاوم 560 أوم بدلاً منه. وهذا ما يبدو عليه جهازنا عندما نقوم بتوصيل جميع مكوناته.

نجحنا! لقد اخترنا قيمة المقاومة المناسبة: كبيرة بشكل كافي لتجعل التيار المار خلال الديود الباعث للضوء أقل من أقصى قيمة يتحملها، وفي نفس الوقت منخفضة بشكل كافي لجعل الديود الباعث للضوء يضيء بشكل جيد ومُبهج.
هذا المقاوم الذي يقوم بتحديد التيار المار خلال الديود الباعث للضوء (LED/current limiting resistor) شائع الاستخدام في الكترونيات الهواة. دائماً ستحتاج لاستخدام قانون أوم لتغيير كمية التيار المار خلال أي دائرة. أحد الأمثلة الأخرى لهذا التطبيق يظهر في الديودات الباعثة للضوء بألواح “ليلي باد” (LilyPad) (نوع من المعالجات مصغرة مصممة لتكون قابلة للخياطة مع الأقمشة).

مع هذا التكوين بدلاً من أن تقوم باختيار المقاوم المناسب للديود الباعث للضوء بنفسك، يكون المُقاوم مثبت مسبقاً على لوحة مع الديود الباعث للضوء، لذلك يتم إنجاز عملية تحديد التيار بدون الحاجة لإضافة أي مقاوم يدوياً.

المصادر والمضي قدماً

الآن من المفترض أنك قد فهمت مفاهيم الجهد، التيار، والمقاومة، وما هي العلاقة بينها. تهانينا! معظم المعادلات والقوانين المستخدمة في تحليل الدوائر الكهربية يمكن اشتقاقها مباشرة من قانون أوم. عن طريق معرفة ذلك القانون البسيط تستطيع فهم المبدأ الأساسي لتحليل أي دائرة كهربية.
هذه المفاهيم التي تعلمناها هي قمة الجبل الجليدي فقط. إذا كنت تتطلع لدراسة المزيد من التطبيقات المتقدمة على قانون أوم وتصميم الدوائر الكهربية فتأكد من متابعة دروسنا القادمة، ومنها:

تمّت ترجمة هذه المادّة من موقع sparkfun تحت تصريح كرييتف كومّونز 3 (Creative Commons 3.0)

عبدالله خيري

1 تعليق

اترك رداً على Jak & Roze إلغاء الرد

  • اريد الإجابة على هذا السؤال هل تعتقد ان قانون اوم يبقى صحيحا اذا تغيرت درجه حرارة المقاومه تغيرا كبيرا؟ وضح ذلك؟

تابعنا